القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
تفاسير سور من القرآن
71928 مشاهدة
العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب

...............................................................................


والدلالة على أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب تفهم من نصوص الوحي ومن اللغة العربية. أما نصوص الوحي فقد دلت على ذلك أحاديث صحيحة تدل على أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، كما يدل عليه استقراء القرآن، وتدل عليه اللغة العربية أيضا.
فمن الأحاديث الدالة على ذلك قصة الأنصاري المشهورة التي ذكرها الله في سورة هود، وسيأتي إيضاحها وضابطها: أن أنصاريا كان تمارا فجاءته امرأة تريد أن تبتاع منه تمرا، فأعجب بجمالها، فقال لها إن في البيت تمرا أجود من هذا.
فلما دخلت في البيت تظن أنه يبيعها التمر الأجود كان بينه وبينها ما لا ينبغي أن يكون بين رجل وغير زوجته، إلا أنه لم يقع بينهما ما يستوجب الحد، فكان شيء؛ مثل التقبيل، والضم، ونحوه، ثم بعد ذلك ندم ذلك الأعرابي، وسأل النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله فيه آية مدنية في سورة مكية.
وهي قوله تعالى في سورة هود: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ ؛ يعني كالصلوات الخمس التي يقيمها في الجماعات يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ؛ أي يغفر الله بهن تلك الذنوب؛ كتقبيل تلك الأجنبية.
ثم إن ذلك الرجل لما نزلت فيه الآية، وقرأها النبي صلى الله عليه وسلم سأل ذلك الأنصاري، وقال له: يا رسول الله، ألي هذا خاصة؟ وسؤال الأنصاري هذا مقتضاه أيختص حكم هذه الآية بي؟ لأنني هو سبب نزولها أم العبرة بعموم لفظ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ؛ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم بل لأمتي كلهم.
وسؤال الأنصاري هذا وجواب النبي صلى الله عليه وسلم له ثابت في صحيح البخاري في تفسير سورة هود، وهو نص صريح في أن العبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب. ومن النصوص الدالة على ذلك: ما ثبت في الصحيح ثبوتا لا مطعن فيه من أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء عليا وفاطمة رضي الله عنهما وأرضاهما وهما نائمان، وأيقظهما ليصليا الليل. فقال له علي رضي الله عنه إن أرواحنا بيد الله إن شاء بعثنا، فولى صلى الله عليه وسلم كالمغضب، يضرب فخذه، ويقول: وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا مع أن آية وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا نزلت على التحقيق في الكفار المشركين الذين يجادلون في القرآن؛ فيقول بعضهم: شعر، ويقول بعضهم: سحر، ويقول بعضهم: كهانة، إلى غير ذلك.
ويدل لأنها في الكفار أول الآية هو قوله: وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ ؛ أي المكذب بالقرآن الذي لم يعتبر بأمثاله أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا وخصومة في التكذيب بالقرآن. فالنبي صلى الله عليه وسلم بين أنها وإن نزلت في الكفار أن عموم لفظها شامل، لقول علي رضي الله عنه: إن أرواحنا بيد الله إن شاء أن يبعثنا بعثنا.
ومما يدل على هذا من اللغة العربية أن الرجل مثلا لو كان له أربع زوجات فهانته واحدة منهن وشتمته، وأطلقت لسانها فيه حتى أغضبته، وهي واحدة، والثلاث الأخر ساكتات لا يفعلن إلا ما يرضي زوجهن، فقال الزوج بسبب إغضاب التي أغضبته: أنتن كلكن طوالق؛ فإن الطلاق لا يختص بذات السبب التي أغضبته وآذته؛ بل يطلق الجميع نظرا إلى عموم اللفظ، ويلغى سبب اللفظ الذي حمل عليه، كما هو معلوم عند أهل اللسان العربي.